نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هذا تصنيف (كيو إس) الذي تسعى جامعاتنا وراءه - إقرأ نيوز, اليوم السبت 9 نوفمبر 2024 07:56 مساءً
وقد اهتمت معظم جامعات المملكة بالظهور في تصنيف THE-QS الموحد آنذاك، وعندما استقلت شركة (كيو إس) بتصنيفها الخاص استمر اهتمام جامعات المملكة بهذا التصنيف بدرجة عالية وبتصنيف التايمز بدرجة أقل، وأخذت بعض الجامعات في التواصل مع (كيو إس)، وبدأت في استقبال شخصيات في الشركة المالكة لهذا التصنيف بشكل علني، وأخيرا عقدت بعض الجامعات اتفاقيات مع هذه الشركة، الأمر الذي يستدعي تقصي واقع هذا التصنيف وإبراز ملامحه، وفيما يلي محاولة لتقييمه من حيث المحاور التي يقوم عليها، مع إبراز الطبيعة العامة التي تبين حالته وتوجهاته.
وبنظرة على العوامل المعتمدة في تصنيف (كيو إس) ومحدداتها يمكن بسهولة استجلاء واقع هذا التصنيف ومعرفة مدى دقته.
التصنيف يقوم على مجموعة من العوامل تشكل في مجموعها 100% وهذه العوامل ونسبة كل منها: السمعة الأكاديمية 30%، والاستشهادات من هيئة التدريس 20%، والسمعة في سوق العمل 15%، ونسبة أعضاء هيئة التدريس إلى الطلاب 10%، ونسبة أعضاء هيئة التدريس الدوليين 5%، ونسبة الطلاب الدوليين 5%، وشبكة البحوث الدولية 5%، ونتائج التوظيف 5%، والاستدامة 5%.
أولا: يتضح تركيز التصنيف على السمعة فوضع 30% للسمعة الأكاديمية نسبة كبيرة، مع العلم أنها كانت 40%، والسمعة في سوق العمل 15% أي أن نسبة السمعة في التصنيف 45% وهذا يشكل ما يقارب نصف نسبة العوامل التي يقوم عليها التصنيف، ولا شك أنه خلل بل عيب واضح في التصنيف، فالسمعة بشقيها في التصنيف تعتمد على الاستطلاعات، استطلاع آراء الأكاديميين فيما يخص السمعة الأكاديمية، واستطلاع آراء أصحاب العمل الذين وظفوا الخريجين، وهنا لا يمكن أن تكون هذه الاستطلاعات دقيقة لأنها بالتأكيد تقوم على الانطباعات التي تؤثر فيها الخلفيات المتباينة للأكاديميين فيما يخص السمعة الأكاديمية، والخلفيات المتباينة لأصحاب العمل ومصالحهم، بالإضافة إلى استحالة وجود مؤشر لقياس هذه الاستطلاعات على مستوى جامعات العالم بشكل دقيق ومن دون تجاوزات.
وعند النظر إلى معيار نسبة أعضاء هيئة التدريس إلى الطلاب الذي يمثل 10% وهو معيار جيد من حيث المبدأ لكن التصنيف يعتمد على البيانات التي تقدمها الجامعات في هذا الجانب، وهنا لا يستطيع التصنيف أن يتأكد من دقة هذه البيانات ويتحقق من صحتها.
وفيما يخص نسبة أعضاء هيئة التدريس الدوليين، ونسبة الطلاب الدوليين التي تشكل معا 10%، فهذان المعياران لا يمثلان ميزة للجامعات، فالأعضاء الدوليون وكذلك الطلاب الدوليون ليسوا بالضرورة من المتميزين؛ ولا يشترط التصنيف ذلك حتى يُعدّوا إضافة لتميز الجامعة.
أما شبكة البحوث الدولية التي تبين درجة ارتباط بحوث الجامعة دوليا بنطاق البحث التعاوني، فيمكن للجامعات أن تتحايل عليه من خلال الاتفاق مع أساتذة كبار بوضع اسم الجامعة في منشوراتهم العلمية بمقابل، وهذا ما حدث أن قامت به بعض الجامعات في فترة سابقة.
وفي العموم التصنيف أعطى نسبا عالية للمعايير الهامشية في مقابل إعطاء نسبا قليلة للمعايير المقبولة على ما يعتري تطبيقها من ملاحظات مثل البحوث الدولية والتوظيف والاستدامة.
المعايير التي يقوم عليها تصنيف (كيو إس) ليست الجانب الوحيد الذي يؤخذ على التصنيف، بل إن الاتجاهات التي تعتمدها الشركة صاحبة التصنيف والأهداف التي تتضح من خلالها تضع علامات استفهام حول الأهداف الحقيقية التي من أجلها وضع هذا التصنيف، فمما يلاحظ على التصنيف في هذا السياق قيام الشركة بوضع أربعة تصنيفات إقليمية بالإضافة إلى التصنيف العام، وهي: تصنيف آسيا، تصنيف أوروبا، تصنيف أمريكا اللاتينية، وتصنيف المنطقة العربية.
وتخصيص جامعات العالم العربي بتصنيف مستقل بينما أفريقيا وهي قارة لم يخصص لها تصنيف لا يمكن فهمه إلا في إطار المصالح المادية، ويؤكد ذلك أن ثماني جامعات من الجامعات العشر الأولى في التصنيف الخاص بالمنطقة العربية جامعات خليجية من 2018 حتى 2024، أي في سبعة منشورات، كما أن جامعة الكويت وهي جامعة متميزة عربيا لم تظهر ضمن الجامعات العربية العشر الأولى خلال الفترة نفسها، بينما ظهرت جامعات خليجية خاصة متدنية المستوى لا تقارن بأي معيار بجامعة الكويت، ولا يمكن تفسير هذا الوضع إلا بدرجة تواصل أي جامعة مع الشركة صاحبة التصنيف، فجامعة الكويت لا تهتم بهذا التصنيف ولا تهتم بمسألة التصنيفات عموما، وهي من الناحية الأكاديمية محقة في ذلك.
ومن الملاحظات الأخرى التي ينبغي الإشارة إليها في هذا المضمار أن جامعات عالمية مرموقة لا يختلف اثنان على تميزها الفريد لم تصل أي منها المرتبة الأولى في تصنيف (كيو إس) العام من 2018 حتى 2024، وهي جامعة أكسفورد وجامعة كامبردج وجامعة هارفارد.
وفي التصنيف الأوروبي نجد من العشر الجامعات الأولى لعام 2024 سبع جامعات بريطانية، وجامعتين سويسرية، وجامعة فرنسية واحدة مع غياب تام للجامعات الأوروبية الأخرى بما في ذلك الجامعات الألمانية؛ وهي ملاحظات تطرح العديد من التساؤلات الإضافية عن مهنية التصنيف.
والأكثر غرابة في تصنيف (كيو إس) هو إظهار منشوره لعام 2025 في التصنيف العام ونحن ما زلنا في 2024، وقبل ذلك إظهار منشوره لعام 2024 الذي ما زلنا فيه، وهذه مسألة غريبة أن تصل الشركة في تصنيفها إلى هذا الحد؛ فالمهنية تحتم إصدار التصنيف منشوره لأي عام بعد نهاية العام نفسه، فالتقييم الحقيقي هو لما مضى من الأعوام وما تم إنجازه فيها فقط، وهذه الحالات تجعل الشكوك مشروعة في دقة هذا التصنيف وفي مصداقيته ومهنيته، والغريب أيضا أن بعض جامعات المملكة أبرزت ترتيبها في التصنيف لعام 2025 على مواقعها الرسمية.
إن الحديث هنا عن تصنيف (كيو إس) وتناول سلبياته يغطي إلى حد بعيد عيوب رفيق دربه السابق تصنيف (تايمز)، إذ إن التشابه بين التصنيفين موجود بنسبة عالية، وإذ نطرح هذه الملاحظات فإننا نأمل من مجلس شؤون الجامعات وضع موضوع هذه التصنيفات على طاولة النقاش والدراسة بما يخدم التعليم العالي في المملكة بالشكل الصحيح، ويوجه مسار الجامعات نحو التميز الحقيقي الذي لا نرى ضرورة إلى ذكر عوامله لأنها تأتي في مرتبة البديهيات؛ وحتى لا تغرق جامعاتنا في أوهام التميز المعطوب.
علما أن التعليم العالي في بريطانيا يعتمد في تقييمه للجامعات البريطانية على وكالة ضمان الجودة في التعليم العالي (Quality Assurance Agency for Higher Education) وهي مؤسسة رسمية؛ ولا يعتمد على مثل هذه التصنيفات.
moslehmoied@
أخبار متعلقة :