الدولار الأمريكي يسجل مستوى تاريخي أمام الجنيه السوداني ومخاوف من سيناريو أكثر قسوة
دخل سوق الصرف في السودان اليوم السبت 13 ديسمبر 2025 مرحلة غير مسبوقة من الاستقرار عند مستويات مرتفعة جدًا، بعدما سجل الدولار الأمريكي رقمًا قياسيًا جديدًا مقابل الجنيه السوداني، في ظل استمرار الضغوط الاقتصادية وتداعيات الحرب الممتدة منذ أكثر من عامين، وبحسب مؤشرات السوق، بلغ سعر الدولار نحو 3750 جنيهًا، وهو أعلى مستوى تصل إليه العملة الأمريكية منذ اندلاع النزاع، في دلالة واضحة على تآكل قيمة الجنيه بوتيرة متسارعة، مع غياب مؤشرات قريبة على التعافي.
الدولار الأمريكي أمام الجنيه السوداني
اللافت في تعاملات اليوم هو التقارب النسبي بين أسعار الدولار في السوق الموازي والبنوك التجارية، وهو ما يفسره خبراء بحالة فقدان الثقة العامة في العملة المحلية، واتساع الاعتماد على الدولار كوسيلة للحفظ والتداول في آنٍ واحد، ويرى مختصون أن هذا المشهد يعكس خللًا هيكليًا في سوق النقد، حيث لم تعد القنوات الرسمية قادرة على فرض أسعار مرجعية فعالة.
الحرب تعمّق أزمة العملة
الخبراء يُجمعون على أن الحرب تظل العامل الأبرز وراء تدهور الجنيه، بعدما عطّلت الإنتاج، وقلصت الصادرات، وأضعفت الإيرادات العامة، بالتزامن مع تصاعد معدلات التضخم وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين.
كما أدت الأوضاع الأمنية إلى توسع الاقتصاد الموازي وازدياد عمليات التهريب، ما ساهم في نزيف مستمر للنقد الأجنبي خارج القنوات الرسمية.
انعكاسات مباشرة على المعيشة
الارتفاع المتواصل في سعر الدولار لم يعد رقمًا اقتصاديًا مجردًا، بل تحول إلى عبء يومي يثقل كاهل الأسر، مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية، خاصة الغذاء والدواء، وتراجع الدخول الحقيقية بشكل حاد.
ويشير مراقبون إلى أن الكثير من التجار باتوا يسعّرون بضائعهم بالدولار أو ما يعادله، تحسبًا لأي قفزات جديدة في سعر الصرف.
مخاوف من سيناريو أكثر قسوة
التوقعات الاقتصادية لا تحمل كثيرًا من التفاؤل، إذ يرجّح محللون أن يشهد الدولار مزيدًا من الارتفاع خلال الأشهر المقبلة، في حال استمرار النزاع وتأخر الحلول السياسية، خاصة مع زيادة الطلب الموسمي على العملات الأجنبية مع مطلع عام 2026.
ويرى مختصون أن تجاوز الدولار لحاجز 5000 جنيه لم يعد سيناريو مستبعدًا، بل احتمالًا قائمًا ما لم تحدث تغييرات جوهرية على الأرض.
الجنيه السوداني
بين استقرار ظاهري وواقع اقتصادي هش، يقف الجنيه السوداني اليوم أمام واحدة من أصعب مراحله التاريخية، فيما يظل الدولار عنوانًا لأزمة أعمق تتجاوز سوق الصرف، لتلامس جوهر الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.


تعليقات